إن عشائر بني ركاب من العشائر الأوسية القحطانية التي يرجع نسبها الى الغساسنة وبالتحديد الى جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة الذين حكموا الشام في عصر الجاهلية حيث حكم ابن الأيهم بلاد الشام ثلاث سنين حسب ما جاء في كتاب تاريخ الأمم لحمزة بن الحسن الأصفهاني ... وكما ورد في العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية تاليف علي عبد الحسن الخزرجي ج1/ ص36 حيث جاء فيه: إن الملك جبلة كان طوله اثني عشر شبراً وكان إذا ركب الجواد مسحت قدمه الأرض ولقب بالركابي ، ولقب ابنائه ببني ركاب أو بنو الركب...فأدرك الإسلام وأسلم أيام الخليفة عمر بن الخطاب (رض) ثم تنصر فلحق بالروم وكان سبب تنصره أن رجلاً وطئ على طرف ردائه وهو يطوف بالبيت، فالتفت الى ذلك الرجل فلطمه لطمة هشّمت أنفه وكسرت سنه وخضرت عينه فاستعدى ذلك الرجل على الخليفة عمر فقال له الخليفة: أرضه أو أقيده، فقال إني ملك وهو سوقه فقال له الخليفةعمر : إن الإسلام قد سوى بينكما، فقال أمهلني الى غد فأمهله فلما جن الليل خرج بحشمه وعبيده ومن أطاعه من قومه فلحق بالروم وتنصر ثم ندم على ما كان منه وهو الذي يقول:
تنصرت الأشراف من أجل لطمة
وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني فيها لــــــجاج ونخــــوة
فكنت كمن باع الصحيح بالعــــور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتنـــــي
رجعت الى القول الذي قاله عمـــر
ويا ليت لي الشام أدنى معيــشة
أجاور قومي ذاهب السمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعـــة
وقد يصبر العود الضجورعلى الدبــر
ومن ولد جبيلة بن الأيهم بنو رسول ملوك اليمن في الإسلام : وإن اسم رسول هو محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحى بن رستم وهو من ذرية جبلة بن الأيهم الغساني الأوسي وهو بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرؤ القيس بن ثعلبة البهلول بن مازن (قاتل الجوع) بن الأزد بن الغوث بن النبيت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ولما تنصر جبلة بن الأيهم ولحق بالروم أقام هناك الى أن هلك وقيل هلك على الإسلام وإن قصيدته التي قال فيها (تنصرت الأشراف من أجل لطمة) تشهد برغبته بالإسلام وندمه على مفارقته فلما هلك قام ولده بعده في بلاد الروم ثم انتقلوا ومن انضم اليهم من قومهم الى بلاد التركمان فسكنوا هناك مع قبيلة (مجك) وهي من أشرف قبائل التركمان فأقاموا بينهم وتكلموا بلغتهم وبعدوا من العرب فانقطعت أخبارهم عن كثير من الناس حتى ظن الكثير بأنهم من التركمان ولما نزحوا الى العراق نسبهم من يعرفهم الى غسان ونسبهم من لا يعرفهم الى التركمان، وكانوا بيت شجاعة ورئاسة وكان منهم محمد بن هارون جليل القدر فيهم فأدناه الخليفة العباسي وأنس به، واختصه برسالته الى الشام ومصر، ورفع الحجاب فيما بينهما وأطلق عليه اسم رسول وشهر به وترك اسمه الحقيقي حتى جهل فلا يعرفه الا القليل من الناس، ثم انتقل من العراق الى الشام ثم الى مصر فيمن معه من أولاده.
فكان بنو رسول لهم كلمتهم المسموعة في بلاد اليمن وكذلك في مصر حتى اشتد خوف بني أيوب على ملك اليمن من بني رسول ولم يخافوا أحداً من العرب كخوفهم منهم ، وكان نور الدين في غاية العقل والدهاء والجود والكرم وشرف النفس وحسن السياسة وكمال الرئاسة ، فقلده الملك المسعود الأمور كلها وبذلك تأسست الدولة الرسولية في اليمن ومن بعدها الدولة المنصورية ثم الدولة المظفرية ثم الدولة الأشرفية ثم الدولة المؤيدية ، وهؤلاء كلهم يرجع نسبهم الى بني ركاب (أولاد جبلة بن الأيهم) آخر ملوك الغساسنة.
ومن أعلام هذه العشائر هو أحمد بن محمد بن منصور الركابي الملقب بـ ( أبو بكر الأنصاري) وكان إماماً في العلم والدين ومشاراً اليه في الورع والزهادة وولى القضاء بواسط وركبته الديون لنزاهته وشرفه وعدالته كما ورد في كتاب تاريخ بغداد ج5/ ص306.
ولقد ورد في العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية الفقيه العالم البارع الإمام أبو عبد الله بن أبي بكر بن الحسين بن عبد الله الزوقري الركبي المعروف بإبن الحطاب وورد آخر بأن الركبي ابن الخبازة وهنالك ركب هو أول من ركب السفينة من الحبشة وهذا يعد من الأحباش لأن انطلاق السفينة من الحبشة، وهنالك ركب آخر من جعفة فأختلفوا فيما بينهم فلحقوا بالأشعريين فنسبوا اليهم فمنهم بطن كبير كانوا يعرفون باسم أمهم حبة بنت مالك بن الأوس وبها يعرفون، فعوّلنا في بحثنا هذا على من ركبته الديون الذي دخل العراق وكان قاضياً فيها وهو أقرب للحقيقة، حيث قال الرسول (ص) : لعن الله خارج النسب وداخل النسب ..وهذا ما يعني أن القحطانيين لا يكونوا عدنانيين والعكس ، فهذا هو النسب كما قال الرسول (ص).
عشيرة آل حميدة (من عشائر بني ركاب)
إن عشيرة آل حميدة من عشائر بني ركاب هي كغيرها من العشائر العربية الأصيلة التي تأصلت بها الشيم الرفيعة والتقاليد العربية في الكرم والنخوة والشجاعة والطيبة وهي تمتلك تأريخاً حافلاً بمواقفها العربية التي تؤكد عمق التصاقها بالأرض والسجايا النبيلة.
ففي ثورة العشرين كان لها الدور الثوري المتميز والمساهمة الفعلية وهي تحرض العشائر العربية لمقاومة الإنكليز المحتلين وتزكي حماسها بشكل لا نظير له وتتجلى المواقف الأصيلة لبني ركاب تلك المواقف التي يخطها التاريخ مجداً