من سنن الله سبحانه أن خلق الناس ، وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ، كما أخبر بذلك في محكم كتابه، قال تعالى: { يا أَيها الناس إِنا خلَقناكم من ذكر وأنثَى وجعلناكم شعوبا وقَبائل لتَعارفوا إِنَّ أَكرمكم عند اللَّه أَتقَاكم إِنَّ اللَّه عليم خبير } (الحجرات:13) ففي الآية تنبيه على تساوي الناس في أصل الخلق، وإنما يتفاضلون في الأمور الدينية فحسب.
والشعوب أعم من القبائل، والقبائل لها مراتب أخر ؛ كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ، وقيل غير ذلك.
والعرب في أصلها تنقسم إلى أربعة أقسام:
أ- العرب البائدة وهم القدامى، مثل: عاد و ثمود و طسم و جديس و عملاق
هم قدماء العرب، وسموا بالبائدة لأنه كانت لهم حضارات سادت ثم بادت، ومنهم الحميريون و البابليون و الآشوريون و الكلدانيون والفراعنة و الفينيقيون و الكنعانيون. ولا يزال هناك بعض منهم احتفظوا بلغتهم العربية القديمة يكلمونها بلهجاتها المختلفة، بالإضافة إلى اللغة العربية الحديثة المعاصرة
ب- العرب العاربة "القحطانية": وهم المنحدرون من صلب يعرب بن يشجب بن قحطان
وهم القحطانيون وجدهم قحطان من اليمن، وسموا بالعاربة لأنهم ذووا أصول صريحة، ولغتهم أو لهجتهم كانت أفصح أسلس ولم تدخلها أي عجمة، وكانوا ذو حضارة.
مهدها اليمن، وقد تشعبت قبائلها وبطونها، فاشتهرت منها قبيلتان:
الأولى: حمير، وأشهر بطونها: زيد الجمهور ، و قضاعة ، و السكاسك .
والثانية: كهلان ، وأشهر بطونها: همدان، وأنمار، وطيء ، ومذحج ، وكندة ، ولخم ، وجذام ، والأزد ، والأوس، والخزرج ، وأولاد جفنة ملوك الشام.
ونتيجة الظروف الاقتصادية ، والصراع بين حمير وكهلان ، هاجرت بطون كهلان من اليمن قبيل سيل العرم ، وانقسموا إلى أربعة أقسام :
1- الأزد: وسيدهم عمران بن عمرو ، وسكنوا الحجاز ، وعُمان ، وتهامة.
2- لخم وجذام: وفيهم نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة.
3- بنو طيء: نزلوا بالجبلين أجا وسلمى في الشمال.
ج- العرب المستعربة "العدنانية": وهم المنحدرون من صلب إسماعيل
وهم العدنانيون، ويشتركون مع العرب اليهود الأوائل (العبرانيون) في جد واحد هو إبراهيم، وقد أتوا من الشمال ونزلوا في مكة، لذلك يقال لهم أبناء عم اليهود وسميا بالمستعربة لأنهم أتوا من الشمال و لغتهم أو لهجتهم جافة وتشتمل على بعض الكلمات الأعجمية، وكانوا بدو رحل وعند اختلاطهم بالقحطانيين بدأت لغتهم تتهذب وبدئوا يستقرون و يتحضرون فقيل استعربوا، مع أنهم أصلا عرب. فيرجع نسبهم إلى إسماعيل عليه السلام الذي ولد في فلسطين، ثم انتقل مع أمه إلى الحجاز ، ونشأ بها وتزوج، واشترك مع أبيه إبراهيم عليه السلام في بناء الكعبة ، ورُزق إسماعيل من الأولاد اثني عشر ابناً ، تشعبت منهم اثنتا عشرة قبيلة ، سكنت مكة، ثم انتشرت في أرجاء الجزيرة وخارجها ، وبقي "قيدار" أحد أبناء إسماعيل في مكة ، وتناسل أبناؤه حتى كان منهم عدنان وولده معد، ومن هذا الأخير حَفظت العرب العدنانية أنسابها، وعدنان هو الجد الحادي والعشرون لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
د- العرب المعاصرة
وهم خليط من العرب البائدة والعاربة والمستعربة، اندمجوا وكونوا الشعب العربي المعاصر وكلهم أصول سامية عربية.